Archive | روايات RSS for this section

طائر البرق

اجتمع من كل عصابة من عصابات الطير أشرافها وسراتها .. وأهل الحل والعقد فيها فامتلأ بهم المكان .. وقف السرج على باب الكركي الناسك حتى صر مزلاج الباب فنادى في القوم :

ـ الناسك الحكيم.
أدارت الطيور رؤسها وتعلقت أنظارها بباب الصومعة .. حتى إذا ظهر الناسك انحنت له إجلالاً واحتراماً.
اتخذ الناسك مجلسه .. وتصفح بعينيه جمهور الحاضرين ولما تأكد أن الجمع قد اقتصر على أهل الرأي المشورة وأصحاب الحل والعقد .. وسراة القوم وأشرافها .. حمد الله وأثنى عليه وبدأ حديثه :
ـ تعلمون أن سبب ما أصابنا من الكوارث هو غياب الملك .. ذلك أن وجود الملك ضرورة لا بد منها لإقامة العدل الذي هو أساس نشوء البلدان وانتشار العمران وقد قيل إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ..
لذلك فإن أول خطوة يجدر بنا إتخاذها هو أن نفحص البيض الذي تحتضنه الخفافيش وإن ثبت لدينا أنه بيض فاسد لا طائل من وراء احتضانه أعلنا ذلك للملأ وحررنا أمة الطير من الوهم الذي خيم على أجيالها قروناً طويلة ثم ننصرف بعد ذلك إلى اختيار نظام الحكم الذي نريده والملك الذى نأتمنه.
علت الهمهمة بين الحاضرين .. ثم ما لبثت أن تحولت إلى ضجيج .. وتطايرت التهم إلى مقام الناسك .. أقلها أنه دوخل في عقله وأصابه الخرف .. وأشدها أنه مارق من الدين خائن لأهله وناسه .. ثم ما لبثت الضجة أن هدأت كما بدأت .. تحولت إلى همهمة ثم إلى سكوت ثم إلى صمت مطبق.
تابع الناسك دون أن يعير ما قالوه التفاتا:
ـ لن تأخذني في الحق لومة لائم .. ولن أنافق أحداً أو أجامله على حساب ما أؤمن به .. فإن شئتم الإستمرار فيما نحن فيه واستعدتم ثقتكم بي وجددتم تفويضكم بأن أحكم بينكم .. فنعم ما فعلتم .. وإلا فإنني أطلب منكم أن تبتغوا غيري طلباً للمشورة والنصح.
صاح أبا الفصاد:
ـ بل ننصرف .. هيا قبل أن يصيبنا ما أصاب هذا الكركي من الجنون. انصرف البعض وهم آخرون بالإنصراف .. لكن عقلاء الطير استطاعوا أن يعيدوا الأمور إلى نصابها .. فاستتب النظام ثانية .. وساد السكوت.
توسَّل السُرج :
ـ أما وقد عادوا إلى رشدهم .. يسمعون ويعون .. فإنني ألتمس منك يا سيدي الناسك أن تكمل ما بدأت.
قال الناسك :
ـ ما بني على فاسد فهو فاسد .. وما خالف العقل .. فهو هراء ولو كان مدججاً بالشواهد .. ولن نستطيع الوصول إلى الحق قبل أن نجلو ظلام الباطل ونقطع الشك باليقين .
موعدنا صبيحة الغد ليحمل كل واحد منكم ما يستطيع حمله من القش وأعواد الحطب يضعها على باب كهف الملك الذي تحتله

الخفافيش .. حتى نجليهم أو نبيدهم عن بكرة أبيهم.

البحث عن الترياق في بلاد واق الواق

 

تابع دينيس :
الأمر ليس بهذه البساطة … الحضارة إرث إنساني يشارك فيه الجميع … وحضارتنا هي محصلة لكل الحضارات التي سبقتها … لقد أخذنا نحن الغربيين الكثير من حضارتكم العربية
قال عبد الحميد بأسى :
دعني أشرح لك يا برفيسور … ما الذي اخذتموه منا وما الذي عجزتم عن أخذه .. في حضارتنا العربية … القوة مقرونة بالرحمة … والقدرة بالعفو … والحرية بالمسئولية … والعلم بالخلق … أما عندكم أنتم … فالقوة مجردة من الرحمة … والقدرة معزولة عن العفو … والعلم مبتور عن الأخلاق … لم يعد لديكم كوابح … فأوصلتم العالم إلى الجحيم الذي هو فيه.

***

مشكلة الآباء في هذه الديار أنهم ديناصورات منقرضة … أعني من عصور ما قبل الثورة
الثورة الفلسطينية.
الثورة الجنسية يا أحمق.
تابع صديقه:
أتعرف ماذا يسمون هذا في الجامعة؟ …(أشار إلى ذكره…) يسمونه الحزام الناقل…لكثرة البنات اللواتي يطلعن عليه وينزلن عنه … لم أعد أتشدد في مسألة الجمال … شو ما إجا مع العافية امليح.

***

هذه بلاد التعددية الثقافية … في الخطاب الرسمي فقط … أما في الحقيقة فهم يحولون بيننا وبين أولادنا … حتى لا ننشأهم على ثقافتنا … تلك الثقافة التي يحاولون وأدها بكل السبل.

رابع المستحيل

فرغت يافا من سكانها .. حملتهم الهوادج الملونة .. المزينة بالشرائط والقلائد إلى رمال روبين .. استقروا هناك لقضاء موسم الصيف .. استسلموا لطقوس المصيف الفذ .. حلقات الدبكة والرقص في النهار .. وسهرات الغناء والقصف في الليل .. والتريض جيئة وذهاباً بين التلال المترامية على مطارح البصر..

عرج الديناري على المستشفى الفرنساوي .. ربط جمله في سروة على باب المستشفى .. تسلل إلى الداخل باحثاً عن الوديعة التي أودعها منذ ستة أشهر .. جاهداً أن لا يلفت الانتباه حتى لا يكتشف أحد قرابته للمريض فيلزمونه دفع ما عليه من المال.
وصل إلى سرير حسين في عنبر الرجال .. وجده جالساً في منتصف السرير وفي يده السليمة قلم وعلى ركبتيه كراس كبير يخط عليه .. لم ينتبه حسين لوقوف الديناري خلفه محدقاً في الكراس :
ـ بشوف عَيّنوك في القلمودة.
رفع حسين رأسه وعلى وجهه علامات السعادة البالغة.
عانق ابن عمته وعاتبه على مقاطعته له طول هذه المدة.
ـ زمان هالقمر ما بان.
لم يكترث الديناري لعتابه .. أخذ منه الكراس وحدق فيه مستغرباً .. شرح له حسين ما خفي عنه :
ـ الحكيم الفرنساوي نصحني أتعلم القراءة والكتابة.
ـ هيك خبط لزق من غير خوجاية ولا شيخ كتاب.
ـ الخوجاية موجودة .. شايف العجوز إللي هناك .. هذه الراهبة تعرف القراءة والكتابة .. والحكيم طلب منها مساعدتي.
ـ وصرت تفك الحرف.
ـ فك الحرف سهل .. المهم ربطو .. شوفة عينك الكتابة هية ربط الحرف زي ما القراءة فك الحرف.
جلس الديناري إلى جانبه على حافة السرير وحدق في الحروف التي كتبها حسين فوجدها طالعة ونازلة .. قال ساخراً :
ـ ما شالله يا ابن خالي خطك زي سناسل الذهب .. بدي إياك تكتبلي حجاب للمحبة والقبول .. في هاليافاوية مكيعاني .. من يافا لروبين ما حكت معايا ولا كلمة .. ولا لوحتلي بطرف أصبعها .. بيضا وشعرها أشقر وعينيها زي صدر البحر .. ورموشها بتدبح دبح .. أي إذا شِرْبِتْ بتشوف المية من زورها ..
تنهد الديناري :
ـ وين بدها تروح مني ؟؟!!.. حملتها من باب دارها لروبين .. وبعد الموسم .. رح أحملها من روبين لباب دارها .. وأسوق على أبوها كل الملل .. إسلام .. يهود .. نصارى .. لغاية ما يتعب ويجوزهالي .. أنا وراه والزمن طويل.
انطلق الديناري يحدث حسين بكل ما جرى له منذ أودعه اسبيطار الفرنساوي وحسين ينصت له بشغف .. أخيراً تعب الديناري .. سكت برهة ثم سأله :
ـ وأنت .. ماذا جرى معك .. هل هناك أمل؟
تبسم حسين ابتسامته الوادعة :
ـ يقول الحكيم أنني لو جئت في الشهر الأول من إصابتي لعالجني في يوم واحد وأعادني إلى البيت مشياً على قدمي .. أما الآن وبعد عام من الإصابة فإن العلاج سيأخذ وقتاً طويلاً .. ولن أعود إلى البيت على قدمي بل على عكاز أستند إليه .. يؤكد الحكيم أنني سأقف دون معونة أحد .. لكنني سأستند على العكاز حينما أخطو من مكان إلى آخر.
هتف الديناري :
ـ يا سيدي نص العمى ولا كلو.
ودع الديناري ابن خاله.
ـ على أن أحمل اليوم عائلة الحسن إلى روبين .. حين ينتهي الموسم سنبدأ في نقل المصطافين ثانية إلى يافا .. خاطرك ..
لوح بيده ومضى.
شيعه حسين بنظراته حتى اختفى .. عاد ليمسك القلم من جديد ويقلد الحروف التي رسمتها له الممرضة.
حين وصل الديناري بعائلة الحسن إلى خيمتهم .. كان الزحام في روبين على أشده والشباب تركوا حلقات الدبكة والرقص والغناء وانتظموا في موكب مهيب يسير من مقام النبي روبين إلى المخاضة.
عرف الديناري أن الحاج أمين الحسيني يترأس الموكب وأن الموسم كله تحول إلى مظاهرة للحفاة بالمفتي.
تقدم الديناري على ظهر جمله ليشرف على المظاهرة .. الأهازيج تشق عنان السماء .. والشباب يهتفون للمفتي ويقذفون طرابيشهم في الهواء فرحاً بوصوله .. المفتي يسير منتصب القامة .. وقوراً شامخاً بعمامته تحت خفق الرايات .. أمامه السيافة يتبارزون بالسيوف .. وصوت الجموع يرج المكان :

سيف الدين الحاج أمين
شمسك طلعت يا فلسطين

حاج أمين ارتاح ارتاح
الأقصى مسيج بالأرواح

_________________________________________

يقدم السبعاوي في روايته هذه التي يختتم بها الرباعية.. صورة مليئة بالحيوية و التحفز .. للشعب الفلسطيني الذي يواجه أقداره ببسالة أبطال الأساطير .. قد ينتصر ويقد ينهزم وقد يتمزق اربا.. ولكنه لا يموت ولا يندثر .. في كل مرة يلملم جراحه ويعاود النهوض من جديد ولا يكف عن مواصلة الصراع .

تدور احداث الرواية بين غزة ويافا وتتسع الدائرة احيانا لتشمل فلسطين كلها .. حين يؤرخ لثورة القسام وقيادة الحاج أمين الحسيني .. واضراب عام 1936 .. وحال الثورة الفلسطينية قبل الاضراب و بعده.

تعنى الرواية بوصف المدن والقرى الفلسطينية والمواسم و الحرف السائدة في ذلك الوقت.. و أحداث الحرب العالمية الثانية و أثرها على الشعب الفلسطيني و قضيته ..

وتصدق فيها نبوءة الدوش الذي قال لشقيقه خليل العائد من ثورة الشريف .. وهو يرى الانجليز يطردونهم من أرضهم في وادي الزيت ويسلمونها للمستوطنين اليهود .

روح وريهم النيشان اللي اعطاك ايه اللنبي.. اي اذا الاتراك قلعوا الزتون.. اصحابك الانجليز بدهم يقلعوا

الارض من شروشها

تنتهي الرواية بالزلزال المروع الذي أحدثه قيام الكيان الصهيوني على الارض الفلسطنية المغتصبة.

مؤسسا لاندلاع المقاومة الفلسطينية التي مازالت تؤرق الصهاينة ومن وراءهم .. والتي لن تتوقف الا باحقاق الحق و ازهاق الباطل .

العنقاء

أخذ نابليون يذرع خيمته بعصبية جيئة وذهاباً .. وهو يضرب إحدى قبضتيه براحة كفه .. أخيراً جلس على كرسيه وخط شيئاً بالقلم على ورقة أمامه .. دخل الحاجب :
ـ شامبليون يطلب الإذن بالدخول.
ـ ما الذي يريده شامبليون؟ لم يعد ينقصني غير حفرياته الآن .. أدخلوه
حياه شامبليون :
ـ سيدي القائد عثرنا على بردية في تل العجول جنوب غزة مكتوبة بالهيروغليفية القديمة وقد ترجمناها إلى الفرنسية.
ـ أسمعني ماذا تقول البردية ؟
قرأ شامبليون باهتمام بالغ :
ـ احترف الفينيقيون التجارة .. واحترف الهكسوس الرعي .. أما نحن أبناء كنعان فقد احترفنا طرد الغزاة .. إن الكنعاني لا يعرف على وجه التحديد كم مرة دق منجله سيفاً وكم مرة دق سيفه منجلاً.
تنهد بونابرت :
ـ لن نبقى هنا حتى يطرنا الكنعانيون أو غيرهم .. لقد اتخذت قراري و قضي الأمر.

________________________________________

تبدأ الرواية بوصول يونس البدوي القادم من هجير الصحراء إلى جنة ماؤها نمير وخيرها كثير وهواؤها شفاء من كل داء .. تلك غزة .. باع يونس جماله و أشترى وادي الزيت و تزوج فاطمة بنت شيخ التفاح.

كان السبعاوي يعد المسرح لدخول نابليون .. في صدام هو الأول من نوعه بعد الحروب الصلبية بين الغرب والشرق.

أوروبا الآن في عصر النهضة والشرق العربي في نومة أهل الكهف .

وكما يواجه أبطال الملاحم مصائرهم يستشهد يونس مثل بطل اسطوري.. ويحتل الفرنسيون المدينة بعد هروب الأتراك والمماليك .

يقود الشيخ تاج الدين الخروبي المقاومة وفي لقاء بينه ونابليون يدور الحوار المتجدد منذ غزوة الاسكندر ذو القرنين حتى غزوة جورج بوش ذو الكندرتين .

يسأله نابليون : لماذا تتحداني .. لقد سجنك الجزار وأطلقت أنا سراحك

أطلقتني من السجن الصغير إلى السجن الكبير_

منحتك الحرية-

كيف يكون الإنسان حرا في وطن مستعبد-

ما الذي تريده أيها الشيخ-

أنا لا أريد منك شيئا ..انت الذي أتيتنا من وراء البحر شاهرا سيفك.. وإلا فبماذا تفسر وجودك هنا!!؟؟.

جئنا لنشر مبادئ الثورة الفرنسية الحرية.. العدالة.. المساوة.

هذه المسألة تتم بالإقناع.. و مقارعة الحجة بالحجة.. ولا تتم بحد السيف

إلى أخر هذا الحوار الذي ينتهي بدخول احد مؤرخي الحملة.. ومعه بردية عثروا عليها في تل العجول بغزة كتب فيها.. (أحترف الهكسوس الرعي واحترف الفنيقيون التجارة .. أما نحن أبناء كنعان فقد أحترفنا طرد الغزاة)

تنتهي العنقاء بانتصار الشعب الأعزل على احدث جيوش أوربا تنظيما و تسليحا.

و بإعلان شيخ التفاح.. قائد المقاومة( هذه أرضنا.. حررناها من أنياب بونابرته.. ولن نسلمها لأي طاغية أخر).

الغول

سحب الجنرال اللنبي زجاجة من درج مكتبه وسكب قدحين .. تناول واحداً منهما وأشار إلى لورنس ليتناول الآخر .. حين أتى لورنس على قدحه .. فاجأه اللنبي :
ـ سمعت أن خطابي عند دخولنا القدس لم يعجبك؟
ـ كان خطابك رائعاً يا سيدي .. ما عدا الفقرة الأخيرة.
ـ تعني قولي .. اليوم انتهت آخر حرب صليبية؟
ـ بالضبط.

هز الجنرال رأسه مستوضحاً .. فتابع لورنس :
ـ علمنا التاريخ يا سيدي .. أن الحروب الصليبية تبدأ بدخولنا القدس .. ولا تنتهي إلا بخروجنا منها.
وخزه الجنرال بنظرة قاسية .. اقشعر لها بدنه.
أعاد الجنرال ملء القدحين وتابع مؤنباً :
ـ لشدما تبدو محبطاً ومخيباً للآمال يالورنس .. إشرب.
تناول لورنس قدحه ثقلت أجفان الجنرال ولكنه استمر في المحاورة :
ـ هل ينطبق ذلك على اليهود يا كولونيل؟
ـ اليهود دخلوها غزاة فاتحين قبل ثلاثة آلاف سنة كما دخلناها اليوم .. ثم خرجوا منها كما سنخرج
ـ لكن صديقك وايزمان يدعي أنهم ….
قاطعه لورنس :
ـ حكموها ستين سنة .. مائة .. أي حق تعطيهم المائة في بلد عمرها خمسة آلاف سنة من التاريخ المكتوب؟
ـ ألست واحدا من كبار المتحمسين لعودة اليهود إلى فلسطين؟
ـ أنا متحمس لكل ما فيه مصلحة بريطانيا يا سيدي .. قد أغير ثيابي .. ولساني .. وعاداتي .. ولكنني لا أغير ولائي .. قد يظن بعضهم أنني أخدم سيدين أحياناً .. ولكن ثق يا سيدي أنني دائماً وأبداً أمحض الولاء كله لوطني.
خلع الجنرال طاقيته العسكرية عن رأسه .. وضعها على الطاولة أمامه .. كان النعاس قد بدأ يعقد أجفانه .. تأمل لورنس شعره الأشيب .. ووجهه الذي بدا مرهقاً مغضناً .. خيل إليه أن الجنرال طعن في السن بغتة .. قال في سره : ذئب عجوز متفرد .. ولكنه ما زال شرساً .. سريع الإنقضاض.
نهض الجنرال واتجه إلى سريره في ركن المكتب :
ـ ليلة طيبة يا كولونيل.
فهم لورنس الإشارة .. أدى التحية وانصرف.

تعنى الغول بالاحداث التي مهدت لاندلاع الحرب العالمية الاولى .. واعلان الثورة العربية الكبرى بقيادة شريف مكة وأبناءه .

غزة لم تستجب لاعلان الثورة رغم كل مظالم الاتراك .. التحم ابناؤها مع العدو في معركة دموية دفاعا عن تراب ارضهم .. على مشارف غزة سقط ستة الأف بريطاني في هجمات مستميتة .. حتى قال اللنبي لضباطه ( انا لا اقود حربا ايها السادة .. انني أدير مسلخا قذرا .. ان الذين يواجهوننا ليسو أتراكا أو المانا.. انهم فلاحو سوريا الاشداء .. )

ترصد رواية الغول الأطماع التي كان يضمرها الحلفاء و الصهاينة في اقتسام تركة الرجل المريض .. وكيف سقط العرب فريسة للخداع في لعبة الأمم تلك.. و بصنائع مثل لورنس .. الذي كان همه فصم عرى الاخوة بين العرب والاتراك .. ارتكب من المجازر مايقشعر له الابدان .. حتى أن مولود مخلص أحد قادة جيش فيصل قال له بعد مذبحة الاسرى

انت مو ادمي .. انت غول يشع .. لعنة وحلت علينا

تنتهي الرواية بسقوط القدس في يد الانجليز وسقوط دمشق في يد جيش الشريف

و الحوار الذي دار بين اللنبي ولورنس .. يقول اللنبي

سمعت ان خطابي في القدس لم يعجبك

كان رائعا يا سيدي باستثناء الفقرة الأخيرة

تعني قولي اليوم انتهت أخر حرب صلبية

نعم يا سيدي .. فقد علمنا التاريخ ان الحروب الصلبية تبدأ بدخولنا القدس .. ولا تنتهي إلا بخروجنا منها

هل هذا ينطبق على أصدقائك اليهود

اليهود قبل ثلاثة الاف سنة دخلوها محتلين كما دخلناها الان وخرجوا منها بعد ان حكموها سبعين سنة

اي حق تعطيه لهم سبعين سنة في مدينة يتجاوز عمرها خمسة الاف سنة.

بمثل هذه الحوارات المضيئة ..يلامس السبعاوي روح الحقيقة.. و يؤكد للقارئ تلك الخصوصية الرائعة لهذا الشعب الذي احترف طرد الغزاة

الخل الوفي

قال رفاعة الطهطاوي :
ـ إن إنهاض الأمة الإسلامية من كبوتها .. وإمدادها بعناصر القوة والغلبة لتصد لكيد أعدائها .. والطامعين فيها .. هي أوجب واجبات السلطان .. فإذا تهاون في ذلك .. أو ظهرت عليه علامات الخنوع والعجز .. سقطت بيعته من الأعناق واستوجب أن يلي الأمر من هو خير منه .. وإن جوهر الأمة الإسلامية ومعدنها الأصلي هو أمة العرب .. التي طابت أرومة .. وزكت جرثومة .. وعلى كل من يريد بالإسلام والمسلمين خيراً أن يبدأ بالعرب .. (ألا إن في هذا الجسد مضغةٌ إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وهو القلب) .. وأمة العرب هي القلب من الإسلام والمسلمين .
ضحك سليم بك وقال لإبراهيم باشا :
ـ هل عرفت إلى أي مدى يتوجب أن تصل جيوشك؟
أجاب إبراهيم و على فمه إبتسامةٌ عريضة:
ـ إلى المدى الذي يتكلم الناس فيه بالعربية.
قطب سليمان الفرنساوي وقال :
ـ أرجو أن تسمح لكم أوروبا بذلك.
بوغتوا بتدخله .. سأله إبراهيم أن يفسر كلامه .. فتابع :
ـ هذه المنطقة من العالم أعني بلاد العرب أو بلاد الإسلام .. كانت وحدها مصدر الخطر على أوروبا عبر التاريخ .. من هذه المنطقة جاء هنيبال حاصر بأفياله روما .. ومنها تدفق المسلمون ليحتلوا أسبانيا خمسمائة سنة .. وليحتلوا القسطنطينية ويصلوا إلى فينا في وسط القارة ..
تابع الشيخ رفاعة متجاهلاً ما سمعه من سليمان الفرنساوي :
ـ وحَّدنا مصر والجزيرة العربية .. والآن جاء دور سوريا .. فإذا استقرت الدولة العربية الوليدة فسرعان ما يلحق بها العراق والأشقاء في المغرب .. ثم ينحاز إليها باقي المسلمين .. عندها يتحقق الحلم الكبير ويصبح للإسلام دولة قوية مهابة عزيزة الجانب .. تتحدث بلغة القرآن .. وتحكم و تدار من المركز والصدارة .. وليس من طرف من أطرافها البعيدة كما هو الحال بالنسبة للآستانة.
قاطعه سليمان الفرنساوي :
لا .. لا .. لن تسمح أوروبا لهذه الكوابيس أن تستيقظ من جديد .. إن قيام دولةٍ قوية في هذا الجزء من العالم .. هو من المحرمات .. تابو.
انفتح الباب المؤدي إلى القاعة ودخل أمير لاي موتوش باشا يتبعه آرتين بك الترجمان .. همس في أذن إبراهيم باشا فأشار إلى قائد فرسان الهنادي وعبدالوهاب أن يتبعاه .. أديا التحية أمام القائد الأعلى الدستور الوقور محمد علي .. باشا مصر والجزيرة العربية وكاندي وفاتح السودان وكردفان ودارفور .. قاهر الإنجليز والموره والوهابيين .. استرق عبد الوهاب النظر إليه .. كان يغطي رأسه طربوش بوسطه شرابة زرقاء متدلية إلى الخلف .. يرتدي صديرياً من الجوخ الأزرق مطرزاً بشرائط حريرية .. وسروالاً عريضاً من اللون نفسه .. وخفين أحمرين بالإضافة إلى سيفٍ برباط أحمر .. ويحمل بين يديه مسبحةً من الكهرمان.

____________________________________________________________________________________

ترصد الخل الوفي قيام أول دولة عربية معاصرة حيث استطاع محمد علي و ولده إبراهيم توحيد مصر والجزيرة العربية و بلاد الشام ..وكيف هبت أوروبا لوأد هذه التجربة .

غزة في هذه الرواية كما كانت في العنقاء وكما سنراها في كافة روايات أرض كنعان .. مركز الدائرة .. و الدائرة تتسع لتشمل الدولة العالية العثمانية كلها .. و تضيق أحيانا لتركز على أزقة حارة التفاح و ما يجري فيها من تفاصيل الحياة اليومية .

جزء مهم من الرواية يدور في إسطنبول دار الخلافة و مقر الباب العالي .. ومركز صنع القرار .. في هذا الجزء يلمس القارئ بوضوح ..كيف كان السوس ينخر في عظم تلك الدولة العظيمة .. حيث يمد سليل السلاطين.. يده الي سماسرة المال اليهود.. يستجدي منهم القروض ..ويبيع وظائف الدولة لمن يدفع أكثر.. كيف يصبح بائع دخان الباني واليا على مصر ( محمد علي) وكيف يصبح هذا الوالي أمل العرب في تجديد أمجادهم.

انحازت غزة الي الحلم.. ضد الواقع المظلم .. وقدمت أبناءها قرابين لتحقيقه .. هتف أبناءها في موكب التحرير

ابراهيم باشا يا متولي

الفاتحة عا روح العثملي

ابراهيم باشا جاب النصر

وضلوعنا دروعك يا مصر

تنتهي الخل الوفي بالانتصار المدوي لمحمد علي.. وطرد الاتراك الي ما وراء جبال طوروس

النسخة الإلكترونية لرواية البحث عن الترياق .. في بلاد الواق

يسرنا أن  نعلم قراءنا الكرام أنه تم  إضافة النسخة الإلكترونية في موقع الكاتب عبد الكريم السبعاوي   لرواية  البحث عن الترياق .. في بلاد الواق الواق و بإمكان طلاب الجامعات في فلسطين  تحميل الرواية مجانا من خلال الضغط على صورة الغلاف  

 Screen Shot 2016-05-23 at 10.38.21 am.png