أرض كنعان لعبد الكريم السبعاوي: ذاكرة فلسطين
منصف الوهايبي , جريدة القدس
ينضوي هذا النص «رباعية أرض كنعان» (العنقاء والخل الوفي والغول ومولانا) لعبد الكريم السبعاوي، القوي لغة وأسلوبا ورؤية، إلى نصوص روائية استثنائية غير قليلة هي أقرب ما تكون إلى نمط من الأدب الروائي الملحمي بالمعنى الواسع للكلمة، حيث يضفي الكاتب وجودا رمزيا على المستحيلات الثلاثة، التي استقر في المأثور الديني والأدبي، أنْ ليس لها وجود؛ بل يضيف إليها وجودا رابعا هو «مولانا». ويمكن أن نشير في هذا السياق إلى لوكاتش في «نظرية الرواية»، إذْ يقدر أن هناك شكلا جديدا للملحمة يعلن عن نفسه في بعض أعمال دوستويفسكي. وواضح أنني لا أقصد في السياق الذي أنا به شكل الملحمة الشعري، الذي يحقق خصوصيتها بواسطة سحر الإيقاع، والشكل الموسيقي، حيث يتم تنزيل الكلمة منزلة أرقى من اللغة العادية. والملحمة قصة شعرية مقدسة، صُنعتْ لها قدسية خاصة بها. وهذه الرواية ملحمة من نوع استثنائي، في تاريخ أدب المقاومة عند العرب المعاصرين، وتحديدا الرواية الفلسطينية، التي أرست في تقديري دعائمها مع الراحل الكبير الشهيد غسان كنفاني.
هي رواية تغطي مساحة زمنية كبرى (مئة عام من تاريخ فلسطين)، وتشتمل على شخصيات عديدة؛ ولكن السارد يكتفي بوضع عدد محدود منها في الصدارة، على أساس دورها الأساسي والمفصلي في مجريات القصة، مثل يونس وقد تلفظه حوت اسمه الصحراء، وجوهر واليهودي صاحب الحمام، وسارة والباشا درويش متصرف غزة، وشيخ المشايخ تيمور الضرغام وغلامه يلماز، وشهوان ومريم، وفاطمة التي أحبها يونس، وعلي الطاهر.. وعبد الوهاب والجازية، ونظمي بيك وحاييم وراضية وعبد الحميد وإسماعيل، والشيخ وحيد البتير وأحمد عارف الحسيني وسعدة، ومحمد هاشم واليوزباشي عزت… ولكل منهم قصة أو حكاية مثل قصة أحمد الذي وقع أسيرا في قبضة ثوار اليمن، وقد ظنوه روميا لشقرته وزرقة عينيه؛ فعذبوه ولم يفرجوا عنه إلا بعد أن استظهر لهم سورا من القرآن.. وقطب الغوث وبدرية وخديجة وطفلها أحمد، وعزيزة وشريفة ويوسف سليل الأسرة اليافاوية، ونزلاء بانسيون روزا، ومدحت وهبة وفتوحاته النسائية وصديقه إلياهو في بار شالوميت، وينجت والحروب التي خاضها أو شارك فيها، والشملول والعم رزق، والمفتي محمد أمين الحسيني… وغير هؤلاء من شخوص كثيرة يرسمها الكاتب، بشتى ملامحها وسماتها. على أنها أسماء تخيرها الكاتب بعناية لا تخفى، على نحو ما يفعل كبار الروائيين؛ إذ لا يخفى أن الاسم في الرواية هو «سيد الدوال»، لما له من دلالات إيحائية أو كنائية. وكل هذا يسوقه الكاتب وهو يحرص على إبراز فردية كل شخصية من هذه الشخصيات وتفردها إبرازا قويا؛ ويتولى توجيهها بحسب علاقاتها بمجمل الشخصيات. على أنه ليس بميسوري أن أحيط بها كلها في الرباعية، وإنما تخيرت بعضها في هذا المقال.
وبدون أن ألخص الرواية وأحداثها، حتى أترك للقارئ متعة اكتشافها؛ أشير إلى أنها تتمثل في قسمها الأغنى أكثر من ناحية من تاريخ فلسطين وبلاد الشام عامة وتاريخ العثمانيين والانتداب البريطاني، وعالم المقاومة الفلسطينية، والحرب التي خاضها العرب من أجل فلسطين: «الثوار اقتحموا معتقل صرفند وأطلقوا كل سجنائه.. بريطانيا العظمى بدأت في سحب قواتها من فلسطين إلى قاعدتها في قبرص». بيْد أن الرواية لا تقدم دائما المقاوم من حيث هو النموذج الإنساني الفائق في عالم المثل، أي ذاك الذي يخرق القوانين الطبيعية أو الشخصية الملحمية، التي تضفي على البطولة معناها، وإنما هي تتمثل أكثر صورة الفلسطيني المتماهي بخطابه، أكان دينيا أم غير ديني، وصورة مكانه الجغرافي وفضائه التاريخي، «غزة»؛ حتى أني لا أتردد في نعت هذه الرواية الاستثنائية بـ»الجغرافية/ التاريخية». وهذا الحوار مثال من بين أمثلة كثيرة، تعزز من وجاهة ما أسوقه: «كم عدد اليهود في هذه المدينة يا (شمعون)؟ – أربع عائلات فقط يا سيدي و(سارة) وأمها، وعائلة (كوهين) تتاجر بالذهب و الفضة، وعائلة (عدس) تتاجر بالغلال، وعائلة (روكز) تتاجر بالقماش، وعائلة (يعقوب) وهي عائلة محسوبك.
لا تتردد الرواية في تقديم مساخر الممسوخين في عالم اضطربت قيمه ومثله. ولذلك نقف فيها على المضحك والغريب، وكل ما هو متنافر في تجسيد بعض الشخصيات. وعليه فلا غرابة أن ينزع الخطاب فيها إلى الكلام الشفهي (اللهجة الفلسطينية)، والسخرية والطرفة الشائعة.
أفقر العائلات جميعا – يسكنون غزة وقراها؟ الذهب والفضة والغلال والقماش.. ماذا تركتم لعشرين ألفا – تركنا لهم الصحة والستر.. لا نسمعهم يطلبون في صلاتهم غيرها يا سيدي». مثال ذلك أيضا الإشارات الدقيقة الدالة، مثل استشهاد القسام، وتصوير حرب تحرير فلسطين الأولى التي خاضها العرب: «نصب الراديو على الطاولة المخصصة له وشبك اليريال.. وجه مؤشره على المحطة.. انطلق صوت المذيع: القوات المصرية التي عبرت حدود فلسطين تدخل مدينة بيت لحم لتصبح على بعد عشرة كيلومترات من تل أبيب.. القوات الأردنية تستلم مدن اللد والرملة والقدس من جيش الجهاد المقدس، وتستحكم في مواقعهم التي تطوق حارة اليهود.. سكان المستوطنات يفرون إلى تل أبيب بعد اجتياحها من قبل الجيوش العربية.. أمريكا وبريطانيا تضغطان على العرب في مجلس الأمن لقبول الهدنة.. شخر العبد هاشم: هدنة.. وجيوشنا على أبواب تل أبيب.. المسألة بتنحسم في يوم واحد.. عليّ الطلاق هادي مؤامرة.. قال ابن عمه رضوان: إذا العرب قبلو الهدنة بكونو خونة وبفتحو الباب لليهود يتسلحو من جديد ويقضو علينا. قال الدوش: المواني لسه في إيد النجليز واليهود.. وفي شهر واحد الموازين بتنقلب وبكنسونا من فلسطين كلها.. يا ريتنا ما سلمنا رقبتنا للعرب.. اللي يفرط بصبح يضرط».
ولا تتردد الرواية في تقديم مساخر الممسوخين في عالم اضطربت قيمه ومثله. ولذلك نقف فيها على المضحك والغريب، وكل ما هو متنافر في تجسيد بعض الشخصيات. وعليه فلا غرابة أن ينزع الخطاب فيها إلى الكلام الشفهي (اللهجة الفلسطينية)، والسخرية والطرفة الشائعة. ولعله أجلى ما يكون في الحوار والمونولوج، أو حديث النفس؛ كلما عثرت الشخصية في ذاتها على ما تسخر منه عند الآخرين. فهي سخرية من نفسها وهي تتملى صورة ذاتها التي تعاني من وطأة عالم ثقيل أعمى وافد عليه؛ ولا طاقة لها على تحمله. وأمثلتها غير قليلة، كما في هذا المشهد المسرحي السينمائي الطريف: «كان مفتي الشام قد أغفى بعد المبايعة.. وحين لاحظ جاره إغفاءته أيقظه قبل أن يراه الوالي.. هب من نومه دون أن يستوعب الموقف.. حسب أن الدعاء الأخير للوالي وليس عليه.. فصاح بملء صوته : آمين. ذهل الجميع .. أما الوالي فاستشاط غضبا: أنت معه إذن يا عرة القضاة ؟ أهاب بالحراس مشيرا إلى (تاج الدين) وإلى قاضي الشام: خذوهما في الحديد.. ساق الحراس ( تاج الدين) وهو مرفوع الرأس إلى الخارج.. أما قاضي الشام فقد انفلت من الحراس باتجاه الوالي.. انبطح على بطنه يطلب العفو والسماح.. أخذ يمرغ وجهه على قدمي الوالي.. حتى تدحرجت عمامته: سيدي الوالي.. سيدي المهدي.. لم أكن أعرف… والوالي يصيح بالحراس أن يسحبوه؛ فيما هو «يتشبث بقدم الوالي .. حتى خرجت فردة حذاء الوالي في يده.. ضمها إلى صدره وهو يصرخ ويستعطف.. وهم يجرونه على وجهه.. ظل يتخبط حتى همدت حركته.. قال الحراس للوالي: لقد مات. والوالي يقفز كالملدوغ، وهو يشير إلى الحراس: « أولان! هاتو سباطي من إيدو.. بلا ما ياخدو على الآخرة.. وينادوا لمين هالسباط.. عزرائيل يتفكرني».
ولعل هذا ما يدعو إلى التساؤل عن علاقة النص بفعل المقاومة، أو المغامرة المحسوبة. فهذه شخوص «ملحمية» و»غير ملحمية»، وهم قبل كل شيء بشر يتحركون ويفعلون. لكن أفعالهم هي في الغالب «مغامرات»، بل هي «حيوات» ومعارك، أو قلْ هي تتنزل في جنس المخاطرة؛ وهذا ما يميز السلوك الملحمي، سلوك الشخصية حيث يتعلق الأمر بالمخاطرة الأشد، أي المجازفة بما هو أساسي لدى الإنسان: حياته. وإذا ما حدث وانزلقت إلى فضاء النص، وهذا يحدث أحيانا، مشاعرُ رقيقة؛ فذلك ذو وظيفة جمالية تتمثل في إبراز التعارضات الفاعلة والمؤثرة في سير الأحداث، التي تؤلف الرواية على نحو ما تؤلف مجموع الملحمة؛ ذلك أن الملحمة أو أدب المقاومة لطبيعته الديناميكية يحتاج إلى تعارضات أو تقابلات أي قوى متضادة وليس إلى قوالب تشل الحركة. وهذا لا يعفي طبعا من تطارح كثير من الإشكالات التي أوضحتها في تقديمي لهذه الرواية التي تصدر قريبا في طبعة جديدة.
٭ كاتب تونسي
صدر حول أدب الشاعر
شاعر فلسطين والمهجر
عبد الكريم السبعاوي والخروج من نفق اللا حسم
( Feb 3, 2020 نشرت هذه الدراسة في جريدة رأي اليوم )
دراسة نقدية بقلم الكاتب سعدو السبعاوي
كلا ورب الشعر والشعراء .. الاسكندر الاكبر لا يكابد الحمى وليس به علة او يعتريه هذيان ، لكنها اماني شاعرنا القديم الجديد عبد الكريم السبعاوي واحاسيسه التي تشحذها عبقرية معين لاينضب من الثقافة والعلم والخبرة في الذي تولى والذي هو اّت ، وتفجر ينابيعها حكمة تعتقت بمرور الايام وشق قنواتها ايمان مطلق بحتمية النهاية ورغبة عارمة مكبوتة ومبهمة في الاستمرار والاعادة والتكرار فربما يصيب في زمن اخر ما قد يكون خاب لاي سبب من الاسباب .. الاسكندر الاكبر ، في قصيدة الشاعر عبد الكريم السبعاوي الاخيرة ليس محموما لكنه يتوحد في شاعرنا الذي يعلن من خلاله اسقاط خيار الاستسلام للنهاية المحتومة والأستكانة والركون الى انتظارها في خمول يلامس حد اللامبالاة مكتفيا بمداعبة الفراشات القبّرات من حفيداته ومتابعة غزل البنات واللعب مع اميره الصغير ، ميرو الملك حفيده الطفل الذي دفع اليه بالراية ( في قصيدته الرومية قبل الاخيرة ) باشارة صريحة لجنوحه الى الاعتزال .
انتبهو ايها السادة فشاعرنا الكبير قد قفز في قصيدتة الجديدة وعلى حين غرة من مسار مهادنة القدر ومداهنة الزمن بالتصريح تارة وبالتلميح اخرى، عن تقبله لفكرة (سئمت تكاليف الحياة) ومبدأ (هكذا سنة الحياة) و حقيقة (انك لميت وانهم لميتون )، الى الاعلان الواضح والصريح عن رفضه الاستسلام للعجز والهرم حسب مقتضيات سنة الحياة ..
ياقادة جيش الشرفاء الاكفاء
ضعوني فوق جوادي
لاواصل هذي الحرب الشعواء
لن اغمد سيفي ..
حتى يدركني الموت ..
او ادركه ..
فاحتز منه الوتين
عبد الكريم السبعاوي لا يكتفي فقط بالتراجع عن اعتبار الثمانين حولا والثمانين هولا هي نهاية المطاف كما صرح في قصيدته ( الرومية قبل الاخيرة ) ..
هرمت واشعل راسي المشيب
وانت على حافة الشرق جرح
وعمري شمس تغيب
ثمانون حولا
ثمانون هولا
ومازلت طفلا يجيب
دعوة ميرو الى اللعب
ولا هو قنع بمجرد العيش حتى التسعين .. وما بعد التسعين كما قال في قصيدته هذه ( الاسكندر الاكبر يكابد الحمى ) بل يريد ان يعود طفلا بالفعل ويبدأ دورة حياته من جديد ولكن ليس بالتسلسل الطبيعي للحياة وألية تقدم العمر ، فهو قد خبر الحياة جيدا في سيرته الاولى وبات يعرف ما يريد ويتقن فن رشق سهامه في قلب الهدف ..
رقعة شطرنج
موج يلطم موج
فر الشاه .. مات الشاه
الارض تميد وترتج
وانا فوق السرج
سيفي يفترع الاّفاق
والمدن تساق ..
لفراشي سبي ملك يمين
كيف يا ابا حسين ونحن بشر لا يرجع بنا العمر الى الوراء ولا نعود للشباب ان شخنا ولا نقدر على مقارعة الخطوب وقد وهن العظم منا ؟! لابد من معجزة تجترحها لنا .. ولا يعدم شاعرنا الكبير وسيلة وهو من يجيد توظيف ادوات شعره بحرفية لا تجارى وفي اتقان وروعة لا تبارى .. قمم الاولمب هو الوجهة والمقصد .. حيث الهة الاغريق مجتمعون والمعجزات في حضرتهم تكاد تجسد مبدأ كن فيكون .. وكبير هؤلاء الالهة زيوس لن يبخل على شاعر فذ يستطيع ان يدخل قلبه من اوسع الابواب و ..
اجمُل في عين زيوس ابي
فترق شمائله
وكما تصفو الخمرة
يصفو لي ويلين
يرجعني طفلا وضاءً
ممتلأً بالنعمة
ارشق بسهام الحب قلوبا
شقيت بالحرب سنين
اذهلتني يا ابا حسين وأتيتني من مكمني وانا الحذر .. انت اذن لاترعى الاسكندر الاكبر وتطببه وهو كما تراه يكابد الحمى ، بغية ان تنهل من العظمة والقوة والمجد ، وانما هو طريقك الى مجابهة القوة بالقوة ورد الظلم بالوسيلة التي لا يفهم الظالم غيرها ، وصولا الى دنيا يسودها العدل والخير والمساواة .. والحب ..
ارشق بسهام الحب قلوبا
شقيت بالحرب سنين
هو اذن التاكيد على انسانية صرحت بها في الرسالة الثالثة من مفامتك المنسية ..
وانا عمال احاديهم واداديهم
والاغيهم بكل لسان
واسال نفسي مين فيهم
بيشبهني ..
انا الانسان .
هل افشي سرا يتيح لكم فهماً اعمق وادق واصدق لما يأتي به شاعرنا الكبير عبد الكريم السبعاوي ؟ لا تنظرو الى قصائده نظرتكم الى قطع متناثرة ، ولكن خذوها بنظرة شمولية اوسع كلوحة فنية تبدو اكثر جمالا وروعة عندما نرى فسيفسائها متشابكة متلاصقة مجتمعة متكاملة ..
انا ساحاول ان اساعدكم ، مستندا الى ما ازعمه من ارتباط وثيق بالشاعر من حيث قرابة الفكر والمفهوم وتوافق الاحساس بالشعر والادب والابداع .. ولكي اختصر الطريق واجعل المهمة اكثر يسراً فأنني اقسم شعر عبد الكريم السبعاوي الى مراحل .. وحتى اكون اكثر واقعية وعملية ساقتصر على المرحلة الاخيرة التي كان يعيشها الشاعر ونعايشها بصحبته .. مرحلة اللا حسم التي خرج منها للتو
هذه المرحلة قد بدأت بقصيدة المقامة المنسية والتي اراها من ابدع ماكتب واكثره تعبيرا عن الوضع العام وانعكاسه على نفس وروح عبد الكريم السبعاوي ..
في نوفمبر عام 2017 ركن الشاعر الكبير الى استراحة محارب وغاص في اعماق نفسه بعد رحلة طويلة طويلة مع الشعر وبالشعر بدأت في غزة ولا تزال مستمرة في استراليا مرورا بمعظم بقاع الارض ، ليخرج وقد مسه الضر مما انحدرت اليه الدنيا من حوله .. الحابل قد اختلط بالنابل والعقب قد اعتلى الرأس ، والباطن قد بات اشد قبحاً من الظاهر ،
والخلاصة اربعة رسائل فيها كل المفيد عن المرحلة ..
الرسالة الاولى .. اقرار بعدم جدوى محاولة اصلاح ما فسد فهذا هو حال الدنيا في كل الازمنة والعصور .. وسيبقى
قمح وزوان
مليت من التنسيف والغربله
ووقعت في الوسواس والبلبله
لكن الطواحين اللي دايره
من قديم الزمان
قالتلي يا ابن فلان
بلاش حمبله
لا القمح عمره بيصفى
ولا عمر الزوان
بيفارق العرنوس والسمبله
وفي الرسالة الثانية كرس عبد الكريم السبعاوي مايؤمن به من مبادئ يعتقد انها ما ينبغي ان يسود في هذه الحياة عندما التقى على طريق القوافل شاهبندر عظيم الشان فسأله ..
ايش اغلى ما حملتو ..
قال .. العهد لو ينصان
وايش ارخص ما حملتو
قال .. الندل والخوان
اما الرسلة الثالثة فكأني بها تقريرا باصدق وادق ما يكون عن الوضع العام سياسيا واجتماعيا وكيف تبدلت الحياة وغدت الدنيا غير الدنيا حتى ان الشاعر المخضرم الذي اعترك الحياة بطولها وعرضها اصبح يشعر بانه غريب حتى في أدميته ..
وانا تعلب ..
بخبي الديل وبالدحلب
وحوالي فصايل من قرود عليا
يادوب نزلت عن الاغصان
اشي عابس .. واشي فرحان
اشي لابس .. واشي عريان
وانا عمال احاديهم واداديهم
والاغيهم بكل لسان
وبسأل نفسي مين فيهم
بيشبهني ..
انا الانسان
الرسالة الرابعة والاخيرة كانت الطامة الكبرى لمن عاش فارسا للكلمة يحاول ان يغير بها وجه العالم ، فقد غرقت الكلمة الجادة المفيدة في بحر اللغط والثرثرة والافتراء والكذب .. وما لا ينفع من سفاسف الكلام ..
ولما واتتني الشجاعه
وجيت انطق
سبقني اليمام بالسجع
والببغان بالرجع
والبوم حلف بالظلام
يملا البصر والسمع
وهكذا استشرى الظلم وسُبيت حرية الرأي والتعبير وكممت الافواه وغلت الالسنة بالاصفاد و ..
اربد وش السما
والارض صابها الصدع
وحامت سيوف الطغاه
على رؤوس الجمع
ونادى المنادي ..
لسانك حصانك
وكيف لشاعر ان يمسك لسانه وهو الناطق حين يصمت الجمبع ، وضمير الناس الذي لا يغفل ولا ينام ..
من هنا بدأت رحلة الشاعر عبد الكريم السبعاوي مع ذاته في داخل ذاته لتقييم الخيارات المتاحة له في السبق الاخير من العمر .. ومن هنا بدأ الشاعر مرحلته العمرية الجديدة مثقلا بكل احباطات المؤشرات الرمادية اللون حينا ، السوداء في معظم الاحيان .. لاحظو ان القصيدة موجهة من ابي الفتح الاسكندري الى مريديه في كوكب المشتري ، وان الشاعر قد بلغ قمة اليأس من اصلاح الاوضاع حيث اكد على لسان عيسى ابن هشام ان يوم اهل المشتري بالف عام وان شيخه ابا الفتح الاسكندري ( ما زال يتوخى رجوع الحمام ..
ولاحظو ايضا ان الشاعر في هذه القصيدة قد بدأ يرنو الى الفضاء وكأنه ينشد بين الكواكب والمجرات مستقَرا غير هذه الارض .. او حلاً عجز عنه اهل الارض .
عشرون شهرا انسلت من عمر الشاعر عبد الكريم السبعاوي كما ينسل الماء من بين الاصابع وهو يجترع مرارة الوقوف على حافة الحسم واتخاذ القرار الصعب بالانسحاب من سباق العيش واهواله في هذه المرحلة من العمر الى ان خرج علينا في يوليه 2019 بروميته قبل الاخيرة التي تساءل الجمع عن مغزى اعتبارها قبل الاخيرة ، ولم يتضح السبب الا بصدور احدث قصائد الشاعر ( الاسكندر الاكبر يكابد الحمى ) ,, او هي في الواقع خاتمة قصائد المرحلة موضع البحث
لدغتني الفراشات في مقتل ..
فأنثنيت
اتلمس بين الضلوع فؤادي
واكتب رومية لبلادي
واغلب الظن ان شاعرنا كان يعي ضبابية المرحلة وانعدام اليقين سواء على الصعيد العام او حتى على مساره الوجودي فيها ، ما حدى به الى ان يعتبر تلك القصيدة ليست الخلاصة او اخر القول كما يقال .. فكان الاجدر والأميل الى الواقع ان يسمها ( قبل الاخيرة ) وقد كان .
في روميته قبل الاخيرة مهد عبد الكريم السبعاوي للجلسة الختامية في مؤتمر تحديد المسار .. عرض للسلبيات والايجابيات ، وما تقر به عينه ويهوي اليه فؤاده ، في مقابل جرحه الذي لا يندمل ..
عرض ازياء
خطوة خطوة
خطوتان اثنتان
هكذا تخطر القبرات
تلقط حبات قلبي
تلك ” نيومي “
وتلك “عيوشي “
واترابهن الشبيهات
اتابع غزل البنات
هل ثملت ؟!
كلا وبالقطع انت لم تثمل ولكنك في اغلب الظن لا تريدنا ان ننزلق الى اعتبار هذا الوضع هو بالنسبة لك غاية المراد من رب العباد وانك تدلي بهذه الافادة بكامل وعيك وارادتك فتباغتنا بسؤالك التشكيكي هذا لتعيدنا الى المسار الذي ترمي اليه ..
لدغتني الفراشات في مقتل
فأنثنيت
اتلمس بين الضلوع فؤادي
واكتب رومية لبلادي
اذن هي عودة الى عرض وتحليل واقعك من حيث السلبيات والايجابيات ، او فلنقل مرافعتك امام ضمائر جمهورك ومريديك .. الوضع ايها السادة مثاليا لاي رجل يريد ان يتقاعد او يعتزل الحياة العامة ولكن .. عبد الكريم السبعاوي ليس مجرد رجل بل هو وطن في قلب رجل وقضية غير قابلة للتجاهل او التغاضي بأية ذريعة او تبعا لاية حسابات …
متى سيلاقي الحبيب الحبيب
هرمت واشعل رأسي المشيب
وانت على حافة الشرق جرح
وعمري شمس تغيب
القضية محسومة اذن .. ولكن الشاعر لا يزال يتعمد اتاحة فرصة اكبر للتوصل الى رأي مستنير قد يحسم القرار .. هناك جانب اخر لا يريدنا ان نغفله
ثمانون حولا
ثمانون هولا
وما زلت طفلا اجيب
دعوة ميرو الى اللعب ..
ميرو الملك
الا يعني هذا يا شاعرنا الكبير انك قد حسمت الامر وتنازلت عن عرشك بالفعل لحفيدك ميرو ، واكدت على ذلك بفتوى مفتي السلاطين ..
مفتى السلاطين يأمرنا ان نطيع
ولو .. ولو
أغني مثل اميري و الثغ في اللام والراء
اشف كبلورة في مهب الضياء
وكأنك يا ابا حسين لم تتنازل عن عرشك لميرو فقط بل تريد ان تاخذ له البيعة وحجتك ما يأمر به مفتي السلاطين
ابقوا معنا فألمرافعة لا تزال مستمرة حتى وان وصلت الرومية قبل الاخيرة الى ختامها .. فبقايا الوشم قادمة .. ولا تنسو سؤال الشاعر الذي لم يطرحه عبثا في الرومية قبل الاخيرة ..
هل ثملت ؟!
سؤال قد يبدو عابرا في المرة الاولى لكنه حينما يتكرر وبصيغة اكثر وضوحا وعمقا يصبح نهجاً لابد من التوقف عنده طويلا ، وايضا لابد ان نعيه جيدا من منطلق ان الشاعر عبد الكريم السبعاوي ليس مجرد عابر بين ابيات الشعر وقوافيها وبحورها ، فهو يملك من الخبرة والثقافة تماما قدر ما يملك من الاخذ بناصية اللغة وادوات الشعر بما يربو به عن الخضوع لمستلزمات القافية والحاجة الى المحسنات البديعية وتجميل العبارات ويجعله عصياً على آفة الحشو و سد الخانات واغلاق الفجوات كيفما اتفق وحسبما توفر دون ان تكون الكلمة في غير مكانها الذي لا يكون لغيرها ، ومن غير ان تكون الفكرة حبة في قلادة شعره تحمل جيناته سواء بتناسقها مع ما سبق او تماهيها مع ما قد لحق .
نوفمبر عام 2019 .. عامان قد انقضيا ومقامة الشاعر عبد الكريم السبعاوي المنسية بكل سوداوية مشاهدها التي تجسد واقعنا المرير بأدق مايكون التجسيد ، لاتزال تتفاعل في ذاته التي غدا واضحا انها توشك ان تبوح لكنها تلوذ ببقايا الحكمة وايثار السلامة فتواصل العض على اللجام ..
السؤال الذي بدى عابرا في الرومية قبل الاخيرة ، او فلنقل التساؤل ( هل ثملت ؟) كبر وضربت جذوره وتوغلت في نفس الشاعر حتى اصبح هو القصيدة بتمامها وكمالها .. بقايا الوشم نزلت علينا أية من أيات شعر الصورة او الرسم بالشعر .. عبد الكريم السبعاوي يفتتح المشهد بالليلة الماطرة حيث البرق يومض والرعد يقصف فيلوذ هو باصواته الداخلية ويبدأ وصلة عزف منفرد لسيمفونية توارد الخواطر وعرض سينمائي على طريقة ال Stand up الشعري .. رجل واحد يرسم الصورة ويقول كل شيئ دون ان يملي عليك قرارا او يترك لك فرصة للجزم بانه قد قصد هذا او انه كان يعني ذاك بلا شك … استمرار لحالة الحيادية في عرض السلبيات والايجابيات التي تصب في خانة اتخاذ القرار والتاكيد على ان ما يقوله الان ليس هو القرار الاخير ، لكنه بحرفيته المشهودة وشفافية احساسه الشعري المرهف لا يكرر استخدام سؤاله التشكيكي ( هل ثملت ؟ ) بل ينحاز عنه الى ما هو اوضح واشمل ، الحال الذي يغني عن السؤال .. اسلوب المداورة والاستطراد ومن ثم الاستدراك وانعدام اليقين المتعمد لغاية في نفس يعقوب ، وبأجمل ما تكون الصياغة اللغوية وموسيقى الشعر وجرسه ، وفن الالقاء .. وبطريقة اراها غير مسبوقه ..
معذرة هل قلت دكا ؟
تلك كانت ولا شكَ
بانكوك
وتتجلى حالة ( هل ثملت ؟ ) باروع مايكون حينما يقول في موضع اخر ..
لعلي شبه لي
ولعل الهوى
ولعل ..
كلا .. كلا
الطائرة الغت مواعيدها في مانيلا
اجاد عبد الكريم السبعاوي رسم مشهد من يجتر الذكريات بما يوحي بأنه يقف على اعتاب الانتقال من مرحلة الى مرحلة او ما يمكن تسميته وقفة البيان الختامي واعلان القرار .. واحسن اختيار الصور التي يعتبرها محطات رئيسية في ما كان شاهدا عليه من مأسي الانسان التي فرضتها الطبيعة والمأسي التي هي من صنع الانسان ..
الطوافين قد جرفت ما تيسر
و ابقت لهم جنرالا وعسكر
باقنعة ملكية
الناس ادو التحيه
واعطو لقيصر مالقيصر
نامت نواطيرها ..
والثعالب ..
بشمن دما
والليالي حبالى يلدن العجائب
ولا يدع شاعرنا الكبير عبد الكريم السبعاوي قصيدته تتارجح بين شك ويقين من غير هدف يعرفه جيدا ولا اراه الا قد حدده مسبقا .. نهاية مشهد اجترار الذكريات يأتي متوجأ بالبكاء على الاطلال وفي صحبة اشهر من بكى ملكه الضائع وافنى عمره بين نساء يشتعلن قبيل الاوان وبين محاولة استعادة ملكه السليب ..
ابك امرؤ القيس حتى انطفاء االحريقه
النساء هنا يشتعلن قبيل الاوان
يختضبن القرنفل والزعفران
ويقتلن عشاقهن بنار صديقه
وهنا يشاء عبد الكريم السبعاوي ان يضع نهاية مرحلة العرض الحيادي للسلبيات والايجابيات تمهيدا لاتخاذ القرار ويكاد يقتبس مقولة امرؤ القيس ( اليوم خمر وغدا امر ) .. الان يقولها شاعرنا بكل وضوع وصراحة لا يشوبها شك او تشكيك ..
حسبي مداورة وفرار
نفذ السهم في الخاصره
احكم المجرمون الحصار
قصفت اسرائيل المطار
بسرب من الفانتوم الامريكيه
غزة تنزف
والطائرة احترقت
غير انا رزقنا السلامة
واسماؤنا ادرجت ضمن قائمة الانتظار
الى ان تقوم القيامه
رفعت الاقلام وجفت الصحف .. عود على ذي بدء لشاعر ولد فيه الوطن وحيثما امطر شعره قستفيض به وديان وسهول بلاده ، واينما ولى وجهه فستكون قضية فلسطين التي ولد من رحمها .. ويسألنا عبد الكريم السبعاوي بعد كل هذا سؤال العارف وباعمق ما يكون اليقين ( في قصيدة الاسكندر الاكبر يكابد الحمى ) …
هل اختم بالنقطة اخر سطر
ام احتال بفاصلة واواصل
حتى ارذل هذا العمر ؟
اختبر التسعين
وما بعد التسعين
اشقى ..
او القى الهدهد فينبؤني
نبأ يقين
الفاصلة الفاصلة يا ابا حسين وليطل الله في عمرك حتى ما بعد التسعين .. ومرحبا بك فوق صهوة جوادك فارسا للشعر وناصرا لقضية وطنك واهلك وفاضحا لعهر وخسة ودنس من لفظتهم امتنا الام فتدحرجوا حتى استقروا اسفل شسع نعل العدو .. اسرائيل .. ومن وراء اسرائيل ..
قرارك قد صدر يا شاعرنا الكبير وغدت قصيدتك ( الاسكندر الاكبر يكابد الحمى ) نهاية مرحلة اللاحسم .. وانت بلا شك تعلم انك ربما تشقى بقرارك هذا فالهدهد لن ينبؤك نبأ يقين وانت من قال في ابريل من عام 2015 ان الهدهد لا يحمل رسائل ..
وياعرش بلقيس
لا تنتظر هدهدا
وكتابا وبسملة
فبريد الأشقاء
تحمله القاذفات المغيرات صبحا
ولعل قصيدتك الاحدث ( انا والذئب ) التي جاءت بعد حوالي اسبوعين من اعلان قرارك الحاسم بعدم الاستسلام لمقتضيات تقدم العمر والحاجة الى السكينة والهدوء والاستمتاع بحياتك الخاصة ، وفضحت بها من اسميتهم فرسان الصفقة المشبوهه هي تاكيد على قرارك ..
ويا قادة جيشه الشرفاء الاكفاء
ضعوه فوق جواده
ليواصل هذي الحرب الشعواء
فشاعرفلسطين والمهجر ، الكبير المخضرم عبد الكريم السبعاوي لن يغمد سيفه حتى يدركه الموت .. او يدرك هو الموت فيحتز منه الوتين .
بعيد الشر عنك يا صاحبي .. وادامك الله لنا ولفلسطين والامة قاطبة .
سعدو السبعاوي
________________________
مراودة المستحيلات في أدب عبد الكريم السبعاوي

لقراءة المزيد من هذه الدراسة القيمة في أعمال الكاتب عبد الكريم السبعاوي الرجاء الضغط على هذا الرابط
——————————————————————————————–
من أ.دمحمد البوجي مع خالص الشكر
تقوم وزارة الإعلام الفلسطينية في رام الله بتوزيع روايتي (العنقاء – والترياق ) هدية من الكاتب الروائي عبد الكريم السبعاوي ، من غزة – والمقيم حاليا في استراليا ، ومعلوم أن الجانب الإسرائيلي قد منع الكاتب السبعاوي من دخول البلاد عدة مرات ، وقد أصيب بجلطة قلبية على معبر رفح في الجانب المصري ، بعد أن منع من الدخول من معبر بيت حانون (إيرز) عدة مرات ، ومعلوم أن الهدية خاصة للمكتبات العامة والمعاهد العليا والجامعات فقط ، وتروي رواية الترياق عن رحلة الهجرة بحثا عن السعادة الوهمية في وطن بديل ، وما ترتب عليها من مآس أدت إما إلى الانتحار أو التقوقع والمرض النفسي ، إنها حكاية واقعية جرت أحداثها بالفعل مع الجالية العربية هناك ، أما رواية العنقاء فهي الجزء الأول من رباعية ارض كنعان ، وتروي حكاية مدينة غزة والمنطقة قبل اربعمئة عام .شكرا لوزارة الإعلام التي آخذت على عاتقها توزيع هذا العمل الروائي ، خاصة الأخ الدكتور محمود خليفة ، والأخ الرائع داود داود
السبعاوي ظاهرة فلسطينية غزية عربية انسانية عظيمة ، كتب الوطن وهو ينحت الصخر في بوادي العرب،وحين
أسلمته الصحراء للغربة في أصقاع المعمورة استدعى الصورة الفأصدق للوطن فجاءت غزة …غزة الجرح والكبرياء والتجاوز عن الزيف والمساومة…غزة من المهجر تبدو أكثر صدقاً وأكث
كبرياءً …غزة لم تكن استثناءً ولكنها فلسطين حين يغير الغزاة لون الأقنعة …إنها وردة الصحراء …إنها وردة النجيع الذي لا يعرف المساومة …يا غزة نبايع دمك .. نبايع الجرح المكابر
عبدالكريم خشان_________________________________________________________________________________________________
صراع الثقافات في رواية الترياق في بلاد واق ألواق
فلسطين الثقافية 2000… الجيل للصحافة .. إسلام أون لاين ..
وحسبما يؤكده ناقدون فلسطينيون فإن “عبد الكريم السبعاوي” في” ثلاثيته” يُعتبر في مصاف كبار أدباء العرب، وهي لا تقل عن ثلاثية الروائي نجيب محفوظ، بل يقف في مصاف الإبداعات الأدبية
..إعادة بناء المدن الفلسطينية روائيا.. ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧ ، بقلم الدكتور أحمد أبو مطر
غزة … عبد الكريم السبعاوى
إذا إستمر الناقد يلهث وراء غواية هذه (العنقاء) . سيجد نفسه وقد أعاد كتابتها، أو لخص فصولها، فى (العنقاء) وما تلاها خاصة (الخل الوفى)، تنهض مدينة غزة من الغارات والحروب … من المعتدين والمحتلين، لتصبح مدينة شامخة، تم بناؤها روائيا بشكل يشابه الواقع، على يد وقلم عاشق إسمه عبد الكريم السبعاوى
..واق الواق : الواقع المأساوي …الكاتب الصحفي رجب أبو سرية
ما بقى لنا أن نقوله في هذه المناسبة ، هو أن السبعاوى _ عبد الكريم _ بعد أن تعمد روائيا في مكتبة الرواية الفلسطينية بثلاثيته التاريخية _ ارض كنعان _ عاد ليقدم جملته الروائية في (واق الواق) ، عسى أن تكون فاتحة لفصل روائي من الكتابة الساخرة ، الفاضحة ، التي تطرح أسئلة الذات وأسئلة النص ، بنفس القدر الذي تطرح فيه سؤال الواقع وسؤال الذات . كل ذلك بقدر واضح من الحرفنة الروائية ، التي تضيف للمكتبة الروائية الفلسطينية نوعا ، وليس كما فقط
تغنّى الشاعر في معظم قصائد ديوانه ونصوصه الشعرية بالوطن وحبه لحواري وأزقة مدينته الضائعة المحتلة التي أجبر على تركها ، فلا تكاد تخلو قصيدة من همه الوطني وطموحه وثقته بالعودة حتى عاد أخيرا وقد تجسد حلمه ولبس ثوب الحقيقة وان لم يكتمل الحلم وان كان الواقع لا يشبه المأمول ، ولكنه خطوة على أية حال ، فالشاعر أراد بكل كلمة صاغها أن يجعل من الكلام حدة الرصاص ، وقدرة المواجهة ، في مقابل محتل لا يترك فرصة إلا وجندها لمصالحه ، وعليه فالشاعر في بيئته التي يرى نفسه غريبا وطارئا عليها ، يحاول أن يأخذ لنفسه ولشعبه مزيدا من المؤيدين لحقه وإنسانيته وحلمه ، بوطن آمن يلعب فيه الأطفال في الساحات والحواري ، ويمتلئ عب شجرة الجميز بالثمر الحلو ، وتزهر الدنيا ألوانا من الفرح على أرض مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقلعة ظاهر العمر , وتلة المنطار ، وبحر غزة وبرتقالها ، ومساجد الوطن وكنائسه .
http://www.tayeh.ps/world/kalam.doc
دراسات في أعمال الشاعر والروائي الفلسطيني عبدالكريم السبعاوي .. د. فوزي الحاج ، د. نبيل أبو علي ، د. محمد البوجي ، د. عبد الخالق العف .. منشورات وزارة الثقافة ..شركة مطابع الجراح ـ غزة هاتف 08-2805881
شخصيات فلسطينية مركز المعلومات الوطني الفلسطيني
____________________________________________________________________________________
ضد النسيان من يافا إلى غزة
رواية رابع المستحيل لعبد الكريم السبعاوي
عبدالكريم السبعاوي في روايته “رابع المستحيل”
ضد النسيان من يافا إلى غزة
علي الخليلي
صحيفة الخليج
يرى العرب في المستحيل ثلاثة اشكال، هي “الغول والعنقاء والخل الوفي”. وقداستعار الروائي الفلسطيني عبدالكريم السبعاوي هذه الاشكال التراثية. جاعلامنها، ومن ايحاءاتها الرمزية، عناوين لروايات ثلاث له، يروي من خلالهاتاريخ فلسطين، حقبة بعد حقبة، منذ فجر التاريخ، حين كانت الارض تحمل اسم “أرض كنعان”، بعروبتها الضاربة في القدم، حتى صارت فلسطين بما هي عليه منتاريخ حديث.
الاولى “العنقاء”، اصدرها عن دار سبيل في ملبورنبأستراليا 1989. والثانية “الخل الوفي” عن دار النورس في غزة 1997. والثالثة “الغول” عن الدار نفسها 1999. ثم جاءت الرابعة في عام 2005 وصدرتفي غزة، تحت عنوان “رابع المستحيل”. وطالما اننا نعرف مضمون أو معنى أولالمستحيل وثانيه وثالثه من خلال تراثنا العربي، فما الرابع الذي اضافه لناالسبعاوي في مشواره الملحمي الطويل؟
يبدو تاريخ فلسطين، وفقهذه الرؤية الروائية، متحركا في سياق متواصل من “المستحيل”، بأشكالهالمختلفة. فما “المستحيل” المقصود في هذا السرد الروائي، قبل ان نبحث عن “الرابع” فيه؟
تقول الروايات الثلاث “العنقاء” و”الخل الوفي” و”الغول” في مجملها العام: ان المستحيل هو النسيان. فهي تؤكد في كلاحداثها، على الذاكرة الفلسطينية التي تتغلب جيلا بعد جيل، على المحووالنفي والإلغاء، وتستمر حية وقوية في الزمان والمكان. ويرتفع هذا المجملالى ذروة عالية من التراجيديا، بنشوء “اسرائيل” في عام ،1948 وفقدان اسمفلسطين، أو وقوع الاحلال الاستعماري “لاسرائيل” بدلا من فلسطين، فيصدرالروائي خاتمة رباعيته تحت عنوان “رابع المستحيل”. أي ان المستحيل بشكلهالرابع، هو رضوخ الشعب الفلسطيني لهذا الاحلال الاحتلال الاستيطانياليهودي بفرض النكبة على فلسطين زمانا ومكانا، باعتبارها نهاية مطاف هذاالشعب، ونهاية وجوده كله.
تتدفق حركة الاشخاص/الشخصيات فيرواية “رابع المستحيل” بحيوية شعبية فولكلورية ذات تجليات مشرقة، اكثر منتدفق حركة الاحداث بفضائها التاريخي البحت. وقد حرص الروائي على تعميق هذهالحيوية، على امتداد فصول روايته، لبناء معاني هذا المستحيل في شكلهالرابع، عبر الانسان الفلسطيني نفسه، أو عبر قدرة هذا الانسان العادي الذيتحاصره الحوادث من كل جانب، على حماية ذاكرة المكان والزمان من التفتتوالضياع تحت ثقل هذه الحوادث.
ويمكن لنا ان نتابع هذه الذاكرةبأدق التفاصيل، في كل شخصيات الرواية. لكنني اختار واحدة منها ذات طابعاشكالي على وجه الخصوص، لنعرف كيف ان الغزو الاستعماري الصهيوني لفلسطينقد فجر الوعي الوطني الفلسطيني، حتى داخل هذه الشخصية الاشكالية المضطربة.
“مدحت وهبة” هو هذه الشخصية بالذات، متنقلا بين غزة ويافا، وغيرمتورع من أجل مصالحه التجارية قبل النكبة، من انشاء علاقات مع بعضالعسكريين الانجليز والموظفين اليهود، من دون ان يغفل عن علاقاته الضروريةايضا مع بعض القادة الفلسطينيين، في سبيل “ازدهار” هذه المصالح ذاتها.
يكتشف مدحت وهبة “أو انه في الواقع، يصحو من حالة سكر كان يغرق فيها، داخلملاهي يافا، وهو يستمع لحوار بين ضابط انجليزي وموظف يهودي يجلسان معه علىالطاولة ذاتها” ان الجيوش العربية السبعة التي تستعد للدخول الى فلسطين،لن تكون قادرة على الصمود امام الجيش الذي اعدته المنظمات الصهيونيةبمساعدة بريطانيا، وأن مسألة فلسطين قد تم حسمها على الارض، لصالح اليهود. فيصرخ وهو يترنح “ابتحلموا. أي هادا رابع المستحيل. والله لو بنموت عنآخرنا”. ولا ينس ان يهز قبضته في وجهيهما، ويكرر ما قال بإنجليزية سليمة.
ثم يندفع مدحت وهبة الى الشارع.. “خلف ظهره، كانت يافا تعج بالحياة، ابواقالسيارات. نداءات الباعة. صهيل الخيول التي تجر العربات الفارهة.. يافاهبة البحر، مثلما غزة هبة الصحراء. استقبلت يافا البحر بوجهها.. مفتوحةباتساع احداقها وانبساط ذراعيها.. ضمت كل وافد، استقبلت السفن التي اتعبهاالطواف، اغوت الربابنة، راودت البحارة الغرباء، اخذت وأعطت.. غزة أدارتظهرها للبحر، ووجهها الى جزيرة العرب. استقبلت القوافل القادمة من اعماقالجزيرة محملة بالنفائس والتوابل والحناء وأخلاق الصحراء.. كل ما فيالصحراء من شظف وقساوة ومنع وردع”.
المكان يافا غزة، في ذاكرةشخصية اشكالية غير ان “التشاكل” أو الاضطراب، لم يمنع هذه الذاكرة منالاستمرار، ومن التمرد على قتلها وإبادتها، في زحمة الاحداث. وهو ما وفرالاطمئنان التاريخي للشعب الفلسطيني كله، من ان “الاشكاليات” التي اعترتبعض شخصياته “والتي هي في آن، شخصيات هذه الرواية” لن تعيق قدرته الفائقةعلى التشبث الراسخ بفلسطين مكانا وزمانا، رغم نشوء “اسرائيل” في المكاننفسه، والزمان نفسه.
developed by Red Plum
جديد قيثارة فلسطين المبدع، عبد الكريم السبعاوي
توفيق أبو شومر
أمد/ سيظل بطلُ الإلياذة الفلسطينية، عبد الكريم السبعاوي، وقيثارةُ فلسطين يصدح بألحانه الشجية، في ديوانه الشعري الجديد (ديوان، ورد على الورد).
مَن يقرأ هذا الديوان، فإنه يسمع وقع اللحن الشجي بين الحروف والكلمات، يسمع لحن أرغول فلسطين وشبَّابتها ونايها وعودها الشجي يسمع لحن الشهداء والمناضلين، فهو يعزف بأرغوله لحن (بطاقة معايدة) لفلسطين:
(تتهاوى القِلاعُ… يسقط في كل شبرٍ شهيد
طمِى السيلُ… واستوحشَ الليلُ
فلسطينُ أنت السبيلُ، وأنتِ الدليلُ الوحيد)
عَزف بطلُ إلياذةِ فلسطين بريشته المثقفة، من أغصان زيتون فلسطين، ومن جميزها البلمي، عزف بلحنٍ شجيٍّ مرثيةَ بطولات الشهداء في غزة، والعراقيب، ونابلس، وجنين، والخليل وكل مدن فلسطين:
(ما زالتْ غزةُ صامدةً… رغم الحصار وسعار السجَّان
وما زالت نابلس تقاوم بالصدر العاري
وتعضُّ على الجرح خليلُ الرحمن
كنَّا نشكو من طاغيةٍ … صار لدينا طاغيتان)
لم يترك قيثارةُ فلسطين وترَ ربابتِه إلا بعد أن عزف أمنيتَهُ:
(حتى يُفجِّرُ أطفالُ غزةَ لي كُوَّةً في الجدار
ويحفرون بأسنانهم نفقا
كي أجوزَ به مِن وراء البحار)!
استراليا بالتقويم الهجري للشاعر عبد الكريم السبعاوي
قصيدة مهداة إلى أستراليا في عيدها الوطني
الشاعر عبد الكريم السبعاوي يهدي لأستراليا في يومها الوطني قصيدة يشبهها فيها بغرناطة وفينوس إلهة الحب والجمال والخصوبة والرخاء والنصر لدى اليونان .
في لقاء للشاعر عبد الكريم السبعاوي على إذاعة إس ب- إس S B S سألته الإعلامية إيمان ريمان, عن ا أسباب هذه التشبيه ولماذا حملت القصيدة عنوان “أستراليا بالتقويم الهجري”؟
بعد أن ينوه الشاعر عبد الكريم السبعاوي إلى أنه ليس على الشاعر أن يشرح قصيدته، كما أنه ليس على الرسام أن يشرح لوحته، يقول في هذا اللقاء إنه يرى تشابها بين أستراليا اليوم وأندلس الأمس، فكلاهما بالنسبة له مصدر للإشعاع والنور وقيم الحق والخير والجمال، أما ما بين أستراليا وفينوس فكمية جمال وخصب ورخاء لا تُنكر.
أما عن العنوان فيقول إنه يرمز إلى المهاجر الذي جاء إلى أستراليا من الأوطان العربية وانتقل إلى محيط مختلف فيه قيم جديدة، فيكون وكأنه ينتقل من تقويم إلى آخر، وعالم إلى آخر، فتطرح الأسئلة حول قدرته على التعايش والتأقلم في هذا المحيط الجديد الذي يعتمد على “التقويم الرومانسي” كما قال الشاعر عبد الكريم السبعاوي.
شاعر فلسطيني جاب أكثر من بلد واستقر في عدة بلدان، فهل تكون أستراليا وطنه النهائي؟
غزه المحاصرة تجد الوقت لتكريم الأدباء و الشعراء
غزه المحاصرة .. الجريحة .. المحرومة من الغذاء والدواء و الماء و الهواء وتراحم الأشقاء .. المشغولة بتشييع الشهداء و تضميد جراح الجرحى. . وكفكفة دموع اليتامى. .
تجد الوقت لتكريم الأدباء و الشعراء أيضا
فيا أيها الغاصبون بأي آلاء ربكم تكذبون؟!.. ويا أيها المرابطون نصر من الله و فتح قريب.
غزة من بعد عشرين حجة
أهداني الدكتور محمد البوجي مشكوراً هذا التسجيل .. لمقابلةً بثها تلفيزيون فلسطين من غزة قبل عشرين عام.
زهير إبن أبي سلمى مر بأطلال أم أوفى بعد عشرين حجة .. و لأياً عرف الدار بعد توهمه ..التوهم ليس وارداً في مثل حالتي .. كل شيء واضح و جلي . غزة تحت الحصار المرير منذ تسعة اعوام ..تلفزيون غزة تم تدميره مثل كل المرافق الاخرى على يد من قررو إعادة غزة إلى العصر الحجري ..الأشقاء العرب يتفانون في حروبهم الأهلية و يدقون بينهم عطر منشم ..و قد أداروا ظهرهم للقضية التي كانت على حد زعمهم قضيتهم الأولى .. الشعب الفلسطيني وحده يواصل صموده الملحمي متحدياً ظلمة هذا الليل الحالك رافعاً فلسطين فوق أكتافه مثل نجمة صبح .. تنفتح عليها عيون أبنائه و تنطبق عليها عيون شهدائه و لا يرضى بغير النصر المبين طال الزمن أو قصر .
حديث مع هارون هاشم رشيد – صادق ابو سليمان وناهض الريس و عبد الكريم السبعاوي وفوزي الحاج– لقاءات على شاشة تلفزيون فلسطين في استوديوهات غزة عام 1997